يعتبر البعض رياضة كرة القدم مهنة وليست متعة، يحاول من خلالها كسب أموال تشفع له بعد نهاية مساره في العيش بكرامة ولتفادي تقلبات الزمن، بحكم أنها قائمة على منطق: “اليوم معك وغدا عليك”، فأصحاب هذا التفكير يعيشون الآن في راحة معنوية بسبب ما جنوه مقابل سنوات من العطاء والتضحية داخل الملعب.
باختلاف الأجيال، فبعض نجوم “الساحرة المستديرة” في المغرب، استطاعوا حقا أن يؤسسوا حياة تنعم بالسلم والسلام وبمستوى عيش كريم يليق بسمعتهم وتاريخهم الكبير الذي يحفظ إنجازات ستبقى شاهدة عليهم عبر الزمان؛ في حين توفي البعض لعدم توفرهم على ما ينفقونه على مرضهم وعلاجهم مما أصابهم من سقم.
موضة المقاهي واللاعبين القدامى
ارتبطت فكرة إنشاء مقهى بلاعبي الجيل الثاني والثالث، خصوصا الذين جاوروا المنتخب الوطني في أواخر الثمانينات والتسعينات، فمثلا، أنشأ بادو الزاكي، الحارس السابق للمنتخب الوطني والوداد الرياضي، مقهى وسط مدينة “الدار البيضاء”، أسماها “مايوركا” نسبة إلى الفريق الإسباني الذي كان يلعب له، وأيضا النجم السابق لنادي الجيش الملكي محمد التيمومي الذي أسمى مقهاه “الكرة الذهبية”، في إشارة إلى الكرة الذهبية التي حصل عليها كأحسن لاعب إفريقي سنة 1985، كما أن صلاح الدين بصير، هداف المنتخب الوطني والرجاء، اختار أن يعتمد في جلب قوته اليومي على إنشاء مقهى بنفس المدينة، والأمثلة كثيرة.
“كماتشو” وسيبوس يفتتحان مطاعم بمدن إقامتهما
اختارت بعض الأسماء أن تفتتح مطاعم بالمدن التي تقطن بها، فبعد نهاية مشواره، قرر عبد الجليل هدا، الملقب بـ”كاماتشو” افتتاح مطعم لبيع البيتزا بمدينة مكناس، وحوله إلى متحف يعرض فيه أقمصة بعض الأندية التي سبق أن لعب لها، وهو القرار نفسه الذي اتخذه الحارس السابق للمنتخب المغربي عزيز سيبوس الذي يملك مطعما لبيع السمك بالقنيطرة.
من لاعبي المنتخب الوطني إلى رجال أعمال
يعد نور الدين النيبت، مدافع المنتخب الوطني والوداد، واحدا من أغنى اللاعبين بالمغرب، حيث استطاع أن يحافظ على الثروة المهمة التي جناها عقب لعبه لفرق أوروبية قوية كـ”ديبروتيفو لا كورونيا” الإسباني، و”توتنهام” الإنجليزي، باستثماره في النقل الدولي للبضائع بين المغرب وإسبانيا، إضافة إلى توفره على عمارات سكنية وعقارات.
بدوره توجه اللاعب الدولي السابق مصطفى الحداوي نحو المتاجرة في الملابس الرياضية التي خصص لها محلا كبيرا وراقيا وسط مدينة “الدار البيضاء”، في حين أن اللاعبين الدوليين السابقين أحمد البهجة والطاهر لخلج استثمرا في مجال العقار، باعتباره قطاعا واعدا ومربحا وفق تقرير لقناة العربية سنة 2012.
بنمبارك.. فتن العالم بموهبته ومات وحيدا في شقته
عندما تتحدث عن “الجوهرة السوداء”، العربي بن مبارك، نجم الكرة المغربية في الثلاثينيات من القرن الماضي، فإنك تتكلم عن موهبة تخاطفت عليها أقوى الفرق العالمية كأولمبيك مارسيليا الفرنسي وأتلتيكو مدريد الإسباني، وهو اسم كان عقده يساوي ملايين الفرنكات الفرنسية في عهده، لكن ذلك لم يشفع له في أن يعيش حياة الرخاء في آخر سنواته، وعاش أياما سيئة وحزينة عندما توفي وحيدا بمنزله سنة 1992 بالدار البيضاء، ولم يتم اكتشاف جثته إلا بعد 3 أيام من موته.
مسامح يعيش التهميش والتشرد
يعيش اللاعب محمد مسامح، المدافع السابق لنادي الجيش الملكي لكرة القدم، وضعية مزرية في الوقت الراهن، بعد أن وجد نفسه مشردا في الشارع بدون مأوى، مطالبا بتدخل الجهات المعنية لإنقاذه من الوضعية التي بات يعيشها.
ونشر مسامح مقطع “فيديو” عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” شهر يونيو الماضي، يؤكد من خلاله أنه يعيش التشرد بعد أن انقلبت حياته رأسا على عقب، عقب تعرضه لحادث سير قبل سنوات.
قلة الاهتمام تتسبب في وفاة الرموكي
صحيح أن الأقدار بيد الله، إلا أن هناك من لم يتم الاهتمام بحالته الصحية كحال الدولي الراحل أحمد الرموكي، الذي لعب للفريق الوطني في ثمانينيات القرن الماضي وتوج معه بذهبية ألعاب البحر الأبيض المتوسط سنة 1983، وفاز بأول لقب للأندية المغربية في دوري أبطال إفريقيا رفقة الجيش الملكي سنة 1985.
الرموكي عانى من مرض الضمور العضلي الذي أبطأ حركته بشكل كبير، مات في صمت سنة 2017 بعد معاناته من التهميش والفقر وقلة ذات اليد.
نجوم الرياضة ممن ذاقوا القهر والفقر لا حصر لهم، منهم من غادرنا إلى دار البقاء وآخرون يئنون في صمت، رغم أن الوضع اختلف نوعا ما بتواجد جمعيات رياضية تهتم بالرياضيين السابقين، كمؤسسة محمد السادس للأبطال الرياضيين التي تجاوز عدد منخرطيها الألف، منذ تأسيسها سنة 2011، وتهدف لتمكين الأبطال المغاربة من سبل العيش الكريم، عرفانا بما قدموه من تضحيات وحققوه من إنجازات ساهموا بفضلها في إعلاء شأن الرياضة المغربية، في مختلف الاستحقاقات الدولية، عبر دعم من يعاني منهم من هشاشة اجتماعية، وكذا مصاحبتهم خلال الفترة التي تسبق اعتزالهم.
الكتير من اللاعبين لايولون الاهتمام لمستقبلهم اتناء مزاولة الكرة في مرحلة الشباب حنى فوات الأوان