صنع المدرّب المغربي الحسين عموتة نسيجاً فنياً متوازناً يحمل جرأة هجومية، فوضع منتخب الأردن لكرة القدم للمرة الأولى في تاريخه في نصف نهائي كأس آسيا لكرة القدم الثلاثاء، بمواجهة كوريا الجنوبية القوية في الدوحة.
في أربع مشاركات سابقة لم يتخط العداد الهجومي لمنتخب “النشامى” حاجز الخمسة أهداف، لكن في نسخة قطر الحالية هزّ شباك خصومه عشر مرات في خمس مباريات، محققاً المشوار الأنصع في تاريخ مشاركاته القارية.
ويتوقف الحارس التاريخي للأردن عامر شفيع عند الآراء الفنية التي ترى أن عموتة يوجّه المنتخب للعب بشكل أكثر جرأة في الجانب الهجومي؛ فخلافاً للمدربين السابقين المصري الراحل محمود الجوهري والعراقي عدنان حمد “لعب بنسيج فني متوازن في الشقين الدفاعي والهجومي دون غلبة لأحدهما على حساب الآخر”.
ويتابع شفيع (41 عاماً) الذي حمل ألوان الأردن لعقدين من الزمن: “يتمثل العنوان الأبرز في أداء المنتخب بالتوازن. في بعض المباريات كان يتموضع بخمسة مدافعين وفي أخرى ثلاثة”.
وخصّ شفيع المكنّى “الحوت” بالإشادة الحارس الحالي يزيد أبو ليلى، “الذي يتصاعد أداؤه يوماً بعد يوم كحال باقي اللاعبين”، معتبراً أن تواجد الأردن بين الأربعة الكبار “أشبه بالمعجزة”، نظراً لتواضع مستوى الدوري الأردني والحالة المادية المتردية للأندية.
– مرمى الانتقادات –
استهلّ الأردن مشواره بفوز كبير على ماليزيا 4-0 بثنائيتين لنجم مونبلييه الفرنسي موسى التعمري ومحمود المرضي، ثم كان على بعد ثوان من الفوز على كوريا الجنوبية قبل أن تعادله الأخيرة 2-2.
وفي ختام دور المجموعات “رفض” الأردن الفوز على البحرين (0-1) تفادياً لمواجهة اليابان في دور الـ16، وهو أمر نفاه عموتة بدبلوماسية.
بيد أن خطّة المدرب الذي لا يبتسم كثيراً كادت تنقلب عليه في ثمن النهائي أمام العراق، عندما احتاج لهدفين في الوقت البدل عن ضائع ليقلب تأخره إلى فوز صعب 3-2، إثر طرد العراقي أيمن حسين.
وفي ربع النهائي الثالث له في آسيا بعد 2004 و2011 مع الجوهري وحمد، تخطى الأردن عقبة طاجيكستان بهدف، ليتذوّق طعم دور الأربعة للمرة الأولى.
لكن هذه المرحلة المضيئة سبقتها بداية مخيبة لعموتة وضعته في مرمى الانتقادات، بعد استعدادات شهدت خسارة تلو الأخرى، أكبرها أمام النرويج 0-6 واليابان 1-6 عشية النهائيات.
– تحوّلات سريعة –
يبدي المدرب والمحاضر الآسيوي وليد فطافطة إعجابه الشديد بقيادة عموتة، قائلا: “لم يكن مقنعاً في تجاربه الودية، لكن ظهر أنه كان بحاجة إلى المزيد من الوقت للوصول إلى النسيج الفني المتين القادر على المقارعة في كأس آسيا”.
وأوضح فطافطة أن عموتة على عكس من سبقوه ممن كانوا يرتجفون خوفاً من اللعب الهجومي “بدا جريئاً في طروحاته الفنية من خلال منح لاعبيه الثقة عبر التحوّلات السريعة من الدفاع إلى الهجوم، التي كنا نفتقدها في ما مضى”.
وشرح المتحدث: “منتخب النشامى استطاع أن يهاجم بعنفوان شديد، محرجاً منتخبات لها باع طويل مع المنافسة، وأكبر دليل على ذلك تسجيله عشرة أهداف، وهو حصاد تهديفي كبير يعكس الأسلوب الهجومي الناضج للمنتخب”.
ويُعدّ النجاح الذي سطّره عموتة (54 عاماً) مع الأردن إنجازاً جديداً في سيرته الذاتية، فقد قاد المغرب إلى لقب كأس إفريقيا للاعبين المحليين (2020)، والوداد البيضاوي إلى دوري أبطال إفريقيا (2017)، وقبله الفتح الرباطي إلى كأس الكونفدرالية (2010)، فضلاً عن عدّة ألقاب محلية مع السدّ القطري.
ابن مدينة الخميسات الذي حلّ بدلاً من حمد في يونيو الماضي لا يترك فرصة دون الحديث عن الجانب الهجومي، وقال لفرانس برس: “نأمل أن تخدمنا الظروف للعمل على زيادة الفاعلية الهجومية، لخلق الفرص وترجمتها إلى أهداف في المباريات الحاسمة”.
ويتمتع لاعب الوسط السابق بشخصية قوية أظهرها خلال مباراة العراق عندما اشتبك مع المهاجم البديل حمزة الدردور، الذي تهجم بعنف على جهازه الفني، فكان مصير الهداف التاريخي للمنتخب الاستبعاد عن البعثة.
وعلّق المدرب الذي سيفتقد خدمات المدافع سالم العجالين والمهاجم علي علوان بداعي الإيقاف، على الانتقادات التي طالته قبل انطلاق البطولة: “الانتقادات أمر عادي، والمدرب هو دائما الحلقة الأضعف، لكن بدأ عملي يعطي ثماره وأنا راضٍ عما تحقق حتى الآن ولا نريد التوقف هنا”.
أضف تعليقك
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.